وهذا المعنى تشهد له آيات من كتاب الله كقوله تعالى: إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا [ 4 \ 133] ، وقوله تعالى: إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء [ 6 \ 133] ، وقوله تعالى: [ ص: 531] إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز [ 14 \ 19 - 20] ، وقوله تعالى: وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم [ 47 \ 38] ، وقد قدمنا هذا في سورة النساء في الكلام على قوله تعالى: إن يشأ يذهبكم أيها الناس الآية [ 4 \ 133]. وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: وننشئكم في ما لا تعلمون [ 56 \ 61] ، فيه للعلماء أقوال متقاربة. قال بعضهم: " ننشئكم " بعد إهلاككم فيما لا تعلمونه من الصور والهيئات ، كأن ننشئكم قردة وخنازير ، كما فعلنا ببعض المجرمين قبلكم. وقال بعضهم: " ننشئكم " فيما لا تعلمونه من الصفات ، فنغير صفاتكم ونجمل المؤمنين ببياض الوجوه ، ونقبح الكافرين بسواد الوجوه وزرقة العيون ، إلى غير ذلك من الأقوال.
تفسير و معنى الآية 60 من سورة الواقعة عدة تفاسير - سورة الواقعة: عدد الآيات 96 - - الصفحة 536 - الجزء 27. ﴿ التفسير الميسر ﴾ نحن قَدَّرنا بينكم الموت، وما نحن بعاجزين عن أن نغيِّر خلقكم يوم القيامة، وننشئكم فيما لا تعلمونه من الصفات والأحوال. ﴿ تفسير الجلالين ﴾ «نحن قدَّرنا» بالتشديد والتخفيف «بينكم الموت وما نحن بمسبوقين» بعاجزين. ﴿ تفسير السعدي ﴾ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴿ تفسير البغوي ﴾ نحن قدرنا) قرأ ابن كثير بتخفيف الدال والباقون بتشديدها وهما لغتان ( بينكم الموت) قال مقاتل: فمنكم من يبلغ الهرم ومنكم من يموت صبيا وشابا. وقال الضحاك: تقديره: إنه جعل أهل السماء وأهل الأرض فيه سواء ، فعلى هذا يكون معنى " قدرنا ": قضينا. "وما نحن بمسبوقين"، بمغلوبين عاجزين عن إهلاككم وإيدالكم بأمثالكم. ﴿ تفسير الوسيط ﴾ ثم أكد سبحانه - خلقه لكل شىء ، وقدرته على كل شىء. فقال - تعالى - ( نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الموت وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ على أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ). أى: نحن وحدنا الذين قدرنا لموتكم آجالا مختلفة ، وأعمارا متفاوتة ، فمنكم من يموت صغيرا ، ومنكم من يموت كبيرا ، وما نحن بمسبوقين ، أى: وما نحن بمغلوبين على ذلك ، بل نحن قادرون قدرة تامة على تحديد آجالكم ، فمن حضره أجله فلن يستطيع أن يتأخر عنه ساعة ، أو يتقدم عنه ساعة.
عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61) وقال الطبري: المعنى نحن قدرنا بينكم الموت على أن نبدل أمثالكم بعد موتكم بآخرين من جنسكم ، وما نحن بمسبوقين في آجالكم ، أي: لا يتقدم متأخر ، ولا يتأخر متقدم. وننشئكم في ما لا تعلمون من الصور والهيئات. قال الحسن: أي: نجعلكم قردة وخنازير كما فعلنا بأقوام قبلكم. وقيل: المعنى ننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا ، فيجمل المؤمن ببياض وجهه ، ويقبح الكافر بسواد وجهه. سعيد بن جبير: قوله تعالى: فيما لا تعلمون يعني في حواصل طير سود تكون ببرهوت كأنها الخطاطيف ، وبرهوت واد في اليمن. وقال مجاهد: فيما لا تعلمون في أي خلق شئنا. وقيل: المعنى ننشئكم في عالم لا تعلمون ، وفي مكان لا تعلمون.
تفسير الطبري وَقَوْله: { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْ لَا تُصَدِّقُونَ} يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِكُفَّارِ قُرَيْش وَالْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ: نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ أَيّهَا النَّاس وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا, فَأَوْجَدْنَاكُمْ بَشَرًا, فَهَلَّا تُصَدِّقُونَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِكُمْ فِي قِيله لَكُمْ: إِنَّهُ يَبْعَثكُمْ بَعْد مَمَاتكُمْ وَبَلَاكُمْ فِي قُبُوركُمْ, كَهَيْأَتِكُمْ قَبْل مَمَاتكُمْ. وَقَوْله: { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْ لَا تُصَدِّقُونَ} يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِكُفَّارِ قُرَيْش وَالْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ: نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ أَيّهَا النَّاس وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا, فَأَوْجَدْنَاكُمْ بَشَرًا, فَهَلَّا تُصَدِّقُونَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِكُمْ فِي قِيله لَكُمْ: إِنَّهُ يَبْعَثكُمْ بَعْد مَمَاتكُمْ وَبَلَاكُمْ فِي قُبُوركُمْ, كَهَيْأَتِكُمْ قَبْل مَمَاتكُمْ. ' تفسير القرطبي قوله تعالى { نحن خلقناكم فلولا تصدقون} أي فهلا تصدقون بالبعث؟ لأن الإعادة كالابتداء. وقيل: المعنى نحن خلقنا رزقكم فهلا تصدقون أن هذا طعامكم إن لم تؤمنوا؟ { أفرأيتم ما تمنون} أي ما تصبونه من المني في أرحام النساء.