سبب نزول سورة الطلاق، كل جزء من القرآن الكريم يحتوي على عدد من السور الكريمة، وكل سورة في القرآن الكريم لها سبب نزلت من أجله، ومعنا اليوم سورة الطلاق وهي سورة مدنية، ترتيبها في المصحف الشريف الخامسة والستون، تقع في لجزء الثامن والعشرين بعد سورة الإنسان، وعدد آياتها اثنا عشر آية، تحتوي على الأحكام الشرعية المتعلقة بأحكام كل من الزواج والطلاق، لذلك سميت بالطلاق، ومن خلال مقالنا هذا سنسلط الضوء وإياكم على سبب نزول سورة الطلاق، وما هي مناسبتها. سبب نزول سورة الطلاق لقد اختلفت أسباب نزول سورة الطلاق عن أنس قال: "طلَّق رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم حفصة، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقِيلَ له: راجعْها فإنَّها صوامة قوامة، وهي من إحدى أزواجك ونسائك في الجنة". ويقال أنها نزلت في عبد الله بن عمر عندما طلق زوجته وهي حائض فذكر ذلك عمرُ لرسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالَ: أن يُراجعْهَا، ثمَّ ليدعْها حتَّى تطهرَ، ثمَّ تحيضَ حيضةً أخرى، فإذا طهرت طلقها إن شاء قبل أن يجامعها فإنها العدة التي أمر الله بها.
مسألة الطلاق من المسائل المهمة التي أولتها الشريعة اهتماماً بالغاً، ومن الدلائل على أهمية هذه القضية أن خصص الله لمناقشتها سورة كاملة في كتابه العزيز ألا وهي سورة الطلاق، وبالرغم من حساسية هذه القضية إلا أن هذه السورة قد أحاطت بجل أطرافها، وفض الله فيها النزاع بين الطرفين بما يرضي كلاً منهما ويعطيه حقه وافياً. تفسير الآية الأولى من سورة الطلاق حكم الإشهاد على الطلاق عدة الآيسة والصغيرة حقوق المرأة وطفلها بعد الطلاق
فنزلت هذه الآية: {وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ} إلى آخرها.
قوله تعالى: ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف) الآية [ 229]. 151 - أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي ، حدثنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له ، وإن طلقها ألف مرة ، فعمد رجل إلى امرأة له فطلقها ثم أمهلها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها ارتجعها ثم طلقها ، وقال: والله لا آويك إلي ولا تحلين أبدا. فأنزل الله عز وجل: ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). 152 - أخبرنا أبو بكر التميمي ، حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن المرزبان [ الأبهري] حدثنا محمد بن إبراهيم الحزوري ، حدثنا محمد بن سليمان ، حدثنا يعلى المكي مولى آل الزبير ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة: أنها أتتها امرأة فسألتها عن شيء من الطلاق. قالت: فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت فنزلت: ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان).
قوله تعالى: ( وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ) 4. قال مقاتل: لما نـزلت: ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ) الآية. قال خلاد بن النعمان بن قيس الأنصاري: يا رسول الله فما عدة التي لا تحيض، وعدة التي لم تحض، وعدة الحبلى؟ فأَنـزل الله تعالى هذه الآية. أخبرنا أبو إسحاق المقرئ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون، أخبرنا مكي بن عبدان قال: أخبرنا أبو الأزهر، أخبرنا أسباط بن محمد عن مطرف، عن أبي عثمان عمرو بن سالم قال: لما نـزلت عدة النساء في سورة البقرة في المطلقة والمتوفى عنها زوجها، قال أُبيّ بن كعب: يا رسول الله، إن نساء من أهل المدينة يقلن قد بقي من النساء من لم يذكر فيها شيء، قال: "ما هو؟" قال: الصغار والكبار وذوات الحمل، فنـزلت هذه الآية: ( وَاللائِي يَئِسْنَ) إلى آخرها.
فأول ما نسخ من القرآنِ القبلةُ ، وقال: { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} وقال: { وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} فنسخ من ذلك قال تعالى: { ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}. [5] هل سورة الطلاق مكية أم مدنية؟ إنَّ سورة الطلاق سورة مدنيّة، نزلتْ على نبيِّ الرحمة في المدينة المنورة، وترتيبها الخامسة والستون، حيث تقع في الجزء الثامن والعشرين والحزب السادس والخمسين في ترتيب المصحف الشريف، وقد نزلتْ بعد سورة الإنسان، ويبلغ عدد آياتها 12 آية. سبب تسمية سورة الطلاق لا شكَّ في أنَّ اسم سورة الطلاق يُوحي بمضمونها، ويَشي بكلّ ما تحمل من أحكام وشرائع، وقد سُمِّيت بهذا الاسم لأنها تضمّنتْ أحكام الطلاقِ بأنواعِه: كالطلاق السني، والطلاق البدعي، وشرحتْ عدّةَ المطلقة وفصّلت في الأحكام المختلفة باختلاف حالات الطلاق. فضل سورة الطلاق وردت بعض الأحاديث حول فضل آيات سورة الطلاق مثل قول ابن عباس من قرأَ " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا " عند سلطان يخاف غَشَمَهُ أو عند موجٍ يخاف الغرقَ أو عند سبُعٍ لم يضرَّهُ شيءٌ.
نزلت الآية في عوف بن مالك الأشجعي، وذلك أن المشركين أسروا ابناً له، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكا إليه الفاقةَ، وقال: إن العدو أسر ابني، وجزعت الأم، فما تأمرني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتق الله واصبرْ، وآمرُك وإيَّاها أن تَسْتكثِرَا من قول لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله. فعاد إلى بيته، وقال لامرأته: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني وإياك أن نستكثر من قول: لا حول ولا قوةَ إلا بالله. فقال: نِعْمَ ما أمرنا به. فجعلا يقولان، فغفل العدو عن ابنه، فساق غنمهم، وجاء بها إلى أبيه، وهي أربعة آلاف شاة. فنزلت هذه الآية. أخبرنا عبد العزيز بن عَبْدانَ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن نُعيم، قال: أخبرني أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسين السكوني، حدَّثنا عبيد بن كثير العامري، حدَّثنا عباد بن يعقوب، حدَّثنا يحيى بن آدم، حدَّثنا إسرائيلُ حدَّثنا عمار بن معاوية، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن جابر بن عبد الله، قال: نزلت هذه الآية: {وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} في رَجُلِ من أشْجَعَ، كان فقيراً، خفيف ذاتِ اليد، كثيرَ العيال. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله فقال: اتق الله، واصبر.
2). سبب نزول سورة الطلاق تتعدّد أسباب النزول بتعدد الحوادث التي نزلتِ الآيات بسببها، وقد وردتْ في سبب نزول هذه السورة روايات عدّة وهي: في قوله عزَ وجلَّ: "يا أيها النَّبي إذا طلقتُمُ النساءَ فطلقوهن لعدّتهن …" 3)، روى قتادة، عن أنس قال: "طلَّق رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- حفصة، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقِيلَ له: راجعْها فإنَّها صوامة قوامة، وهي من إحدى أزواجك ونسائك في الجنة". وقِيلَ أيضًا: نزلت في عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-، قال ابنُ عمر: "طلقتُ امرأتي على عهدِ رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وهي حائضٌ، فذكر ذلك عمرُ لرسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فقالَ: مُرْهُ فليُراجعْهَا، ثمَّ ليدعْها حتَّى تطهرَ، ثمَّ تحيضَ حيضةً أخرى، فإذا طهرت فليُطلقْها قبل أن يُجامعَها، أو يُمسكَها، فإنَّها العدةُ التي أمر اللهُ أنْ يطلق لها النساءُ"، 4). 5).
وقال السُّدِّيُّ: نزلت في عبد الله بن عمر، وذلك أنه طلق امرأته حائضاً، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُرَاجعها، ويُمِسكَها حتى تُطهرَ، ثم تَحِيضَ حيضةً أخرى، فإذا طهرتْ طلَّقها إن شاء قبل ان يجامعها، فإنها العِدَّة التي أمر الله بها. أخبرنا منصور بن عبد الوهاب بن أحمد الشالنجي، أخبرنا أبو عمر محمد بن أحمد الحِيري، حدَّثنا محمد بن زنجويه، حدَّثنا عبد العزيز بن يحيى، حدَّثنا الليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر: أنه طلق امرأته، وهي حائض تطليقةً واحدة فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُراجعَها، ثم يُمسكَها حتى تَطهرَ، وتحيضَ عنده حيضةً أخرى، ثم يُمهلَها حتى تطهَر من حيضتها، فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهُر، من قبل أن يُجامعَها. فتلك العدةُ التي أمر الله تعالى أن تُطَلَّقَ لها النساء. [رواه البخاري ومسلم عن قتيبة، عن الليث]. { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} [2-3].