إن محبة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ واجبة ، بل هي أصل من أصول الدين الذي لا يتم الإيمان إلا به ـ كما يقول الإمام ابن تيميةـ وعلى ذلك انعقد إجماع المسلمين ، وكيف لا تجب محبته صلى الله عليه وسلم وهو الذي أحبه الله تعالى ، فهو حبيب الله ، كما أنه صلى الله عليه وسلم هو سبب إخراجنا من الكفر إلى الإيمان ، وهو الذي أوذي فصبر حرصا على هذه الأمة ، وهو الذي اصطفاه الله وطهره وعصمه ، وفضله على جميع ولد آدم ، وأعطاه ما لم يعط أحدا من الأنبياء قبله ، ومنع بسببه العذاب عمن كذبه من قومه …إلخ. يقول الشيخ محمد صالح المنجد: المحبة الشرعية أقسام: 1- محبة الله سبحانه وتعالى: وحكمها أنها من أوجب الواجبات وذلك لأن محبته سبحانه هي أصل دين الإسلام فبكمالها يكمل الإيمان. وبنقصها ينقص التوحيد ودليل ذلك قوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)البقرة 165 ، وقوله: ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة 24.
ثم إن الناظرَ في هذه الموالدِ التي يدعو إليها الناسَ يرى فيها شرًّا عظيماً ، وفسقاً مبيناً ، بل وشركاً بالله رب العالمين ، وقد رأينا ذلك وشاهدناه. فباسمِ المولدِ ترقصُ النساءُ والرجالُ ، وباسمِ المولدِ تغني النساءُ ، وباسمِ المولدِ يُستهزأُ بدينِ اللهِ ، وباسمِ المولدِ يُلعبُ بكتابِ اللهِ، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقد سلَّم اللهُ بلادَ الحرمين من هذه البدْعةِ المشينةِ، إلا أنَّ أقواماً مرِضت قلوبُهم، وأُشربوا حبَّ البدْعةِ، يطالِعوننا بين الفَينةِ والأُخرى بالدعوةِ إلى الاحتفالِ بالمولدِ وتعظيمِ يومِه، تحت مظلَّةِ محبَّةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وإحياءِ ذكرِه ، ينشرون ذلك ويزيِّنُونه في مقالاتٍ أو كتاباتٍ أو محاضراتٍ، فاللهُ المسؤولُ أن يخيِّبَ سعيَهم ويهديَ ضالَّهم، فإن البدعةَ لا تزيدُ صاحبَها من اللهِ إلا بُعداً. فاتقوا اللهَ عباد الله، واعلموا أنكم مغزُوُّون مستهدَفون من أهلِّ الشرِّ والفسادِ، على اختلافِ توجُّهَاتِهم ومقاصِدِهِم، نعوذُ باللهِ من الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطنَ، ونسأله أن يثبتَنا على الحقِّ والهدى. فتحمَّلَ في سبيلِ تبليغِ دينِ الله، وهدايةِ عباد الله صنوفَ المشاقِّ، وألوانَ الأذى، فكان عاقبةُ أمرِه فوزاً ونصراً، فأشرقت برسالتِه الأرضُ بعد ظلمتها ، هدى اللهُ به من الضلالةِ، وبصَّر به من العمى، فأنقذَ اللهُ به من آمنَ به ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
* إحياء سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ،و الإقتداء به ،و هنا نتذكر قول المولى هعزوجل في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) صدق الله العظيم. * الحرص على الإطلاع على السيرة النبوية الشريفة ،و دراستها من أجل التعرف على حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم ،و أخلاقه الفاضلة ،و الأساليب الرائعة التي كان يتبعها في التعامل مع الآخرين ،و علينا أيضاً أن نعلم أبنائنا كيفية حب رسول الله صلى الله عليه و سلم ،و نوضح لهم كيف كان النبي صلى الله عليه و سلم يجب الأطفال ،و كيف كان يتعامل معهم. * الدفاع عن رسول الله صلى و سلم ضد كل من يحاول الإساءة إليه ،و العمل على نشر سيرته الطيبة ،و أخلاقه العظيمة.
كيف لا نحب محمّدًا أيها الأحباب وهو حبيبُ رب العالمين. حبيب خالقنا، حبيب رازقنا، حبيب حافظنا، حبيب كافينا. إخوة الإيمان لقد روى الحاكم في المستدرك أن سيدنا ءادم حينما عصى ربّه - أي معصية صغيرة ليس فيها خسة ودناءة - فقال وذلك قبل أن يُخلق محمّد صلى الله عليه وسلم " يا ربّ أسألك بحقِّ محمّد إلا ما غفرت لي " فأوحى الله عزَّ وجلّ إليه " يا آدم كيف عرفت محمّدًا ولم أخلقه " فقال نبي الله ءادم " لأنك يا ربّ لما خلقتني رفعتُ رأسي فرأيتُ اسمه على قوائم العرش مكتوبًا لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله، فعلمتُ أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحبُ الخلق إليك ". كيف لا أهوى حبيبًا كلُ ما فيه عظيمُ. أيها الأحبة لقد أكرم الله أصحابَ رسول الله الأخيار بصحبته ورؤيته وسماع كلامه ورؤية أحواله فامتلأت قلوبهم بمحبته حتى صار أحب إليهم من ءابائهم وأبنائهم بل ومن أنفسهم. سمعت امرأة من الأنصار يوم أُحُد أن النبيّ قتل فخرجت من المدينة لاستقبال جيش المسلمين العائد، فاستُقبلتْ بأبيها وابنها وزوجها وأخيها أي بخبر مقتلهم في المعركة، فلما مرت على آخرهم قالوا لها أبوك، زوجك، أخوك، ابنك، فتقول: ما فعل رسول الله ؟ فقالوا لها: أمامك.
،و حصوله على ثواب ،و مكانة عظيمة ،و يتأكد ذلك من خلال هذا الحديث الشريف.. جاء رجل إلى النبي- صلى الله عليه و سلم الله عليه وسلم- فقال: متى الساعة يا رسول الله ؟ قال: ( ما أعدتت لها ؟) قال: " ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة ،و لكني أحب الله ورسوله قال: ( أنت مع من أحببت) صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم ،و من أبرز الأعمال التي تؤكد على محبة النبي صلى الله عليه و سلم ما يلي:- * طاعة النبي صلى الله عليه و سلم ،و الحرص على الإلتزام بكل ما أمرنا ،و الإبتعاد عن كافة الأمور التي أمرنا بتجنبها. * كثرة الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ،و من أبرز صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ما يلي:- – ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آله محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد). – ( اللهم صل و سلم على رسول الله صلى الله عليه و سلم). – ( اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد). و بالطبع كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم لها فضل و ثواب عظيم ،و هي أيضاً سبب في شعور الإنسان بالراحة تجلب له الخير و اليسر ،و هي سبب في استجابة دعائه ،و الفوز بشفاعة النبي صلى الله عليه و سلم يوم القيامة.
محبة النبي صلى الله عليه و سلم تكسبنا حب المولى سبحانه و تعالى ،و تقودنا إلى الجنة ،و خلال السطور القليلة القادمة سوف نوضح تفصيلاً كيف يكون حب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقط تفضل عزيزي القارئ بالمتابعة.